"" أنواع المسفسطين ، وغوص في أعماق تفكيرهم !! ""( تابع - أدب التعامل مع الدليل-)

المقال

"" أنواع المسفسطين ، وغوص في أعماق تفكيرهم !! ""( تابع - أدب التعامل مع الدليل-)

3155 | 12-09-2010 11:25
** أنواع المسفسطين –غوصٌ في مجتمعهم- :

وقبل رصد العلاج يحسن أن نسبر هذا التيار اللاعقلي ونقوم بتشريحه لا من جهة الطرق التفكيرية الثلاثة لديه - كما تقدم – بل من جهة الأشخاص الحاملين لهذا ( الفيروس ) لأن هذا السبر سيسهل على حكماء الأمة وأطبائها اختيار البرنامج المتناسب مع كل شخص نظراً للتنوع الكبير بينهم على النحو التالي:

نوع منهم : يدعي الإصابة بهذا الداء ويحاول أن يبث بين الناس هذا الأمر وتكثير سواده ، ليخف الذعر والخوف بين الناس من هذا الداء وليظهر على أنه أمر طبيعي لكثرة المتعايشين معه ، وأنه لا خطر في حمله بل هو أمر عادي لا يهدد صحة الإنسان العقلية أبداً ، فيكون من قبيل ( كثرة الإمساس تذهب الإحساس ) فيجعل المجتمع يرضى بالأمر الواقع حتى يظن أنه جزء من الحراك الثقافي !! زعموا،،،،فتنقلب الحقائق رأساً على عقب لأن الداء سيرى أنه صحة ، وسترى الصحة العقلية نوعاً من المرض والتخلف والتحجر.

وهذا النوع – المتظاهر بالمرض فحسب – ينطلق من دوافع وأجندة خفية هي التي تزج به إلى هذا التهريج العقلي ، حيث يعشعش في هذا النوع عناكب المبتدعة ليصطادوا فرائسهم من ضعاف المعرفة وقليلي العقول وبسيطي التفكير، ومن ثم الفتك بتلك الفرائس بعد قلُيها أو شيّها في نار جهنم !! ، فالصوفية والرافضة والمعتزلة و(......) وبقية أهل البدع بنوعيها (الحسنة والسيئة) وجدوا في هذه اللاعقلية ستاراً خفياً قد يوصلهم إلى تحقيق هدفهم وغايتهم العظمى التي يعملون لتحقيقها ليل نهار ، تلك الغاية هي القضاء على أهل السنة والجماعة ، ومن ثم قيام هيكل بدعهم المزعوم على أنقاض السنة ، فكل يوم نراهم يقومون بعمل حفر الأنفاق تحت كيان السنة لسببين واحد خفي والآخر معلن ، الخفي عفوًا المعلن : هو البحث عن الهيكل المزعوم ، والخفي والأخطر : هو هدم السنة ونسف أركانها ،، أو على الأقل نخر تلك الأركان لكي تبقى وأهلها في ضعف وغربة حتى تأتي الريح التي تنزع نفوس أصحابها في اليوم الموعود !!

نعم : كل المبتدعة يتخندقون داخل هذا الخندق ليشككوا الناس بدينهم وثوابتهم وعقائدهم ، بطريقة السفسطة والهلوسة العقلية لأنهم علموا يقيناً أنهم لو قابلوهم في ميدان العقل الصحيح لخسر هولاء الجنود و المرتزقة من أول جولة ، لذا اتجهوا إلى استعمال وإعمال العقل بطريقة المجانين والمهلوسين والسكارى والمجاذيب لأن هؤلاء هم من يمكن أن تمرر عليهم بعض القناعات الهزيلة التي لا تنمو ولا تتوالد ولا تتكاثر إلا في الأماكن الغير معقمة بمضادات الأوبئة والفطريات والطفيليات العقلية .

ولا أبعد النجعة إذا قلت إن أكثر المسفسطين أو المتظاهرين بها هم هؤلاء الأشخاص لأنني أتحدث من واقع معايشة وانفتاح منذ أكثر من عشر سنوات ، حيث وبعد كل هذا الاستقراء والتتبع والاهتمام والرصد تبين لي أن أكثر من يسطر تلك السفسطات هو شخصياً لا يقتنع بها (وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلماً وعلوا فانظر كيف كان عاقبة المفسدين) الآية ، بل لديهم قناعات يجزمون بها من رافضة أو صوفية ، لكن دفعهم حب و نشر مذهبهم الذي يتوافق مع كثير من تلك السفسطات ويتعايش معها في أكثر مبادئه ، إضافة إلى دافع القضاء على معتقد أهل السنة ؛ لأنه هو من يقاوم تلك الأفكار الهلوسية ولا يرضاها شريكاً له في توجيه المجتمع المسلم ، أما أهل البدع فيرحبون بها كل ترحيب بل ويتعاهدونها بالرعاية والعناية حتى تكون ككلاب الحراسة لقطيع البدع التي هي رأس مالهم في هذه الحياة الدنيا والتي هي مصدر تكسبهم بل والمصدر الذي يضحون في سبيله بكل شيء ، ورحم الله ابن تيمية لما فهم هذه الإشارة من حديث النبي صلى الله عليه وسلم : (لا تدخل الملائكة بيتاً فيه كلب ولا صورة ) الحديث ، حيث نبه : أنه لا تدخل الملائكة قلباً فيه ( كلب ) شبهة أو (صورة) شهوة ، وذلك أننا نرى صاحب الشبهة شاحب الوجه دائما ومضطرب التفكير كأن كلباً ينبح في عقله الباطن (اللاواعي) ، مما يجعله مشتت الفهم ، ومسفسط الفكر .

لقد أسهبت كثيراً في هذا الصنف لكنه – ورب الكعبة – يحتاج الكثير والكثير من التنبيه لكي يعرف الناس ما وراء الأجندة ومن ثم يأخذون الحذر والحذر ، من ( أدعياء اللاعقلية ) ، ولن تجد العناء في كشف هذا بل لو زرت أي منتدى في (الانترنت) وقرأت لبعض المسفسطين لظهر لك من فلتات قلمه أو من مشاركاته السابقة أنه صوفي طرقي أو رافضي شقي.

فعلاجهم هو في كشف هويتهم للناس ونسبتهم إلى تلك العقائد والبدع !! وفي هذا علاج لهم وتحصين للمجتمع من شرهم ووبائهم.
***
والنوع الثاني : هم أهل الشهوات من مترفي وكبراء المجتمع ، فلكي تسلم لهم شهواتهم من المنع والنكير يقوم أنصاف المتعلمين من أهل الفسق والشهوة والترف بمحاولة التقرير والتبرير لتلك الشهوات بتلمس وتسوّل السقطات والزلات التي وقعت من بعض العلماء لكونهم ليسوا معصومين من الأخطاء ، فيقوم هؤلاء بجمع تلك الرخص وبثها وإذاعتها في المنتديات ، ونبز من يخالف تلك القمامات الفكرية بالتشدد والتطرف وغاب على هذا الغبي أن أي عالم من أصحاب تلك السقطات يكون في بقية أمره متوازناً بل وتجده ينكر على زملائه العلماء الذين سقطوا في سقطات أخرى ، ومن هنا يحصل التوازن في جانب العبودية لله تعالى ، فجاء هذا المفتون ليجمع ويستهلك عشرات الأوراق في تسويد تلك السقطات ليقع في السفسطة هنا وقد تقدم في أنواع الفكر السفسطي ضرب المذاهب بعضها ببعض ليبقى الناس في حيرة وتردد ، ولكن بمجرد أن تقرأ ردود العلماء على ذلك المسفسط تعلم يقيناَ أنه ليس على شيء بل هي مجرد زخرفات يريد منها إمرار الشهوات وإقرارها قال تعالى :(وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا شياطين الإنس والجن يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غروراً )الآية ..

ونجد أن كثيراً من أفراد هذا النوع إنما يتظاهر بهذه الهلوسات والخزعبلات الفكرية وفي قرارة نفسه يجزم بأنه مجانب للصواب وأنه على منكر ، ولكن حب الشهوة وهوى النفس جعله يتظاهر بهذه السفسطة والتهريج .
**
وبعضهم بالفعل قد نشط عنده هذا الفايروس وهذا الوباء فأخذ ينهش عقله وفكره حتى جعل العقل يفرز قيحاً وصديداً وغسليناً فكرياً ، وما هذا إلا لكون ذلك الفايروس قد أعطب كل الخلايا التي تضبط العملية العقلية وتنظم التفكير بطريقة صحية وصحيحة.

ولعل هذا العطب في الخلايا كان بسبب ارتفاع كلسترول الشهوة بشكل لم تستطع معه عضلات العقل أن تقوم بدورها الطبيعي في إذابة الرواسب الشهواتية والشبهاتية التي لا يكاد يسلم منها أي إنسان ، لكن تلك العضلات العقلية سرعان ما تذيب تلك الرواسب فيعود الإنسان السليم إلى أصل فطرته التي تدين بالعبودية والتسليم لربها سبحانه وتعالى ،،وحتى لو كان من المتعاطين وبشدة لتلك الشهوة إلا أنه لا يمكن أن يقول هذا العمل جائز بل يعترف أنه يقترف الذنب والخطيئة بإقدامه على هذا العمل ، لكن ضغط الشهوة عليه يجعله يقع في حبائلها دون أن يتجاوز إلى جلطة التفكير الذي ينتج عنه الإصابة بالسفسطة .

ولا تستغرب – أخي الكريم – أن يكون للشهوة هذا التأثير الخطير على سلامة أجهزة الجسم كلهاً النفسية كانت أو العقلية ، ولا شك أن كونها بالنفس فقط أهون من أن تتضاعف حالتها فتتجه إلى جهاز العقل لتجعله يتخبط في تصوراته وقراءاته ونتائجه وقراراته ، فتحدث المشكلة حينئذٍ ، وقد عجبت لتصوير ابن تيمية لحديث (لا تدخل الملائكة بيتاً فيه صورة) ففهم : (أن الملائكة لا تدخل قلباً فيه صورة شهوة ) فكأن الشهوة عبارة عن صور تبقى في شريط الذاكرة العقلية فيبدأ العقل بتحريك شريطها باحترافية وجودة عالية بالإخراج والمونتاج حتى يكون بذلك ارتباك وتخبط وتشويش في العملية الفكرية فيتجه الإنسان بذلك إلى داء السفسطة – حمانا الله وإياكم – .
***
ونوع من المسفسطين :هم ممن لم يدخل الإيمان في قلوبهم –اصلاً- بل لا يعترف لا برب ولا بنبي ولا بدين وإنما يتظاهر بشعائر الإسلام خوفاً من الحكومة المسلمة ومن المجتمع المسلم وهو في الباطن من المنافقين الذين نزلت فيهم كثير وكثير من الآيات والأحاديث التي كشفتهم حتى تظن أحياناً أو حتى ظن المنافقون في العصر النبوي أن تنزل سورة بأسمائهم لأنه لم يبق إلا التصريح بذلك حيث بينت كل صفاتهم وبجلاء كالشمس.

وكذا - الادينيين – يعني من الملحدين الذين يتقمصون بقميص العلمانية أحياناً أو بالليبرالية أخرى ، أو بالشيوعية حيناً ، ويجمع هؤلاء اللادينية وعدم التسليم للعبودية لله تعالى ، بل إله كل فريق منهم هو - هواه ومزاجه ونتاجه الفكري والثقافي – ولا يعني لهم نص القران أو السنة شيئاً يعترف به أو يتقيد بتعاليمه أو يلتزم بأحكامه ، بل يرون أنه مجرد نص يصيب ويخطئ – تعالى الله عما يقول الكافرون علوا كبيراً - .

فقلي بربك عندما يفسح المجال لهؤلاء المنافقين واللادينيين بتناول موضوعاً من الموضوعات الاجتماعية أو الاقتصادية هل تظن أنهم سيراعون أو يرعوون لدليل شرعي لم يعترفوا به أصلاً ؟

لا شك أنهم سيسفسطون ويقرمطون في الكلام وفي التفكير لكي يبتعدوا بالناس عن الحكم الشرعي الذي لا ينفك عن تأييد العقل الصحيح السليم من الأوبئة والأمراض !!
***
ونسيت صنفاً لا يقل خطورة عن سابقيه هذا الصنف لا أدري أين يمكن أن نلحقه ، وأين يمكن أن يصنف من خلال الأنواع السابقة ، أترك للقارئ الكريم الإجابة ،، مع قناعتي الشخصية أن هذا الصنف إنما أشكل عليّ وعلى غيري أمره لكونه يتخذ من الحرباء قدوة وأسوة في التلون والتكيف مع المجتمع حوله ، مع أني أعتقد أنه في واقع الأمر يشارك نوعاً أو أكثر من تلك الأنواع السالفة الذكر ، هذا الصنف : (هو بعض المسفسطين الذين بالرجوع إلى أرشيفهم تجد أنه كان داعية سابق أو شارك في الجهاد أو كان يحرم الدراسة النظامية أو يكفر ولاة أمور المسلمين ويرى الخروج عليهم ،، لكن سرعان ما تغير وتحول من اليمين المتطرف الغالي إلى أقصى اليسار المتطرف الجافي ) وياللعجب من هذا الصنف الذي لم يذق طعم الوسطية في حياته المتقلبة ،،

ومن هنا تزداد خطورة هذا الصنف فهو كان محسوباً على الشباب الملتزم بالدين ظاهراً ، لذا فلا شك أن الأنواع الماضية ستجد فيه القدرة على بث السفسطة العقلية لأنه عايش الساحة الشرعية ويعرف كيف يفكر كثير من أهلها ، وتزداد خطورته أيضاً عندما يبقي ظاهره الملتزم - من لحية وإزار – فلا يتغيران كتغير باطنه ،

ولو اجتهدت في إلحاقه بأقرب شبيه له من تلك الأنواع لألحقته بالشهواتيين ، فلو أخذنا أحدهم لنرصد ظواهر التغيير التي طرأت عليه – كعيّنة تجريبية – لوجدنا أنه لما كان في عصر ما قبل السفسطة والقرمطة كان تعلقه بالجهاد ليس لكونه عبادة كبيقة العبادات الشرعية التي لها حدود وضوابط لا يزاد فيها ولا ينقص ولا تترك لأهل الأهواء والبدع ليكيفوها على حسب بدعهم وأهوائهم ، بل هي مرتبطة بعقيدة أهل السنة والجماعة ، ولا يجوز أن تخرج من دائرة عقيدة أهل السنة بأي حال من الأحوال شأنها في ذلك شأن باقي العبادات .

فالحاصل : أن ذلك اللاحق بركب المسفسطة كان يظن أن الجهاد مرتبط ارتباطاً لا ينفك بالتركيبة التالية : (تكفير ولاة الأمر من حكام وعلماء ، والخروج على الحكام ، ونقض البيعة وإعطائها إلى تنظيم سري أو جماعة أو خلية ، و تكفير المجتمع ، وتحريم الرواتب والمعاشات والوظائف والمدارس الحكومية وقتل الذميين والمعاهدين بل والمواطنيين أحياناً !! والعسكريين ) هذا في جانب الشبهات ، وفي جانب الشهوات : ظن أن الجهاد : ( لمجرد نجدة كل مظلوم مسلم في أي أرض بلا تقدير للمصالح والأضرار ومقاييس القوى ، وظنه في تطويل الشعر ، والتقاط الصور الفوتغرافية وبجواره الكلاش ، وتصويره بأشرطة الفيديو باسم المجاهد البطل ( أبو فلان ) الشجاع ..) ولا شك أن كل تلك المعاني الشبهاتية والشهواتية لا ترتبط بالجهاد بأي حال من الأحوال بل على العكس تماماً لو تلبس الجهاد بأحد تلك الأمور لخرج عن المشروعية كيف لا وذلك الرجل الذي أثخن في الكفار فقال الصحابة (هنيئاً له الجنة ) فلم يقل النبي – صلى الله عليه وسلم – لا نريد أن نقلل من شأن الجهاد بذم المنخرطين فيه !! بل قال مباشرة : (هو في النار) ليشرّع بأبي هو وأمي للأمة أن الجهاد عبادة لابد أن يراعى فيها بقية أدلة وأحكام الشرع الأخرى فلا تعطل العقيدة والثوابت الشرعية بسبب الجهاد بل يسير معها بانسجام تام ، خصوصاً إذا وصل الأمر لقضايا عقدية كالخروج والتكفير ..

فالشاهد في الأمر أن ذلك المسفسط الجديد ظن أن الجهاد هو تلك المعاني الشهواتية والشبهاتية فتشبث به ؛ لأنه كان يلامس عواطفه وشهواته في تلك المرحلة العمرية ، فلعل الرجل تغيرت أو استحدثت لديه شهوات أخرى ببلوغه سناً معيناً أو بنضج بعض الشهوات التي كانت خامدة ، فلما دعاه داع الشهوات الجديدة لم يلبث أن استجاب له ، خصوصاً شهوة المال والشهرة وال..... فلما لم تكتمل له في مرحلة ما قبل السفسطة عرف أن ما بعد السفسطة سيوصله إليها وبشكل أسرع من البرق ، وهذا ما حصل فعلاً حيث بدأت تتنافس عليه معامل الشهرة أو التشهير فصار من أكثر المنتجات مبيعاً في الأسواق العالمية والداخلية ،، خصوصاً إذا قيل ( ال.... سابقاً ) فهذا يجعل منافذ البيع لا تفتر ، فهل بعد هذه الشهوات سريعة الاشتعال من شهوات ، لذا أدى ارتفاع كلسترول الشهوات إلى تجلّط منافذ العقل والتفكير فأصيب بالسفسطة .

ومع إيماني التام بأن القلوب بين أصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء ، وإيماني الجازم بقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح : (بادروا بالأعمال فتناً كقطع الليل المظلم يصبح الرجل فيها مؤمناً ويمسي كافراً ويمسي مؤمناً ويصبح كافراً يبيع دينه بعرض من الدنيا ) الحديث ،

إلا أننا يمكن أن نضيف سبباً جوهرياً في عملية التغيير لدى هؤلاء: وهو أنهم لو رجعوا لماضيهم وحققوا النظر فيه سيجدون أن قلوبهم في تلك الفترة كانت (فارغة المحتوى) بمعنى : أنهم لم يملئوا تلك القلوب بعقيدة أهل السنة والجماعة مع أن علماء السنة والذين يرجع إليهم العالم أجمع في الفتاوى والعلم الصحيح كانوا لا يبعدون عن الواحد منهم مسافة عشرات بل آحاد ( الكيلومترات ) فمع أن العالم يقطع إليهم آلاف الأميال برا وبحرا وجوا ،، إلا أن هؤلاء وهم من بني جلدتهم لم يسيروا هذه المسافة التي قد تقطع بدقائق بسيطة ، وهنا أول المشكلة ، انقطعوا عن علماء التوحيد والسنة ، فبقيت قلوبهم (فارغة المحتوى) بمعنى الكلمة ، ولا شك أن الإناء الفارغ سيكون من السهل ملؤه دون مدافعة أو ممانعة ، ولما انخرط في طريق ما قبل السفسطة بدافع حسن في البداية وهو دافع (من لم يهتم بأمر المسلمين ) ما لبث هذا الدافع الحسن أن ساق هذا الشخص إلى كل تلك الشبهات السابقة ، واستمر يعيش في جحيم تلك الشبهات الملصقة بالجهاد وهو منها بريء ، ولم يكن يتغذى عقله بشيء البتة بل كان قوته وغذاؤه عبارة عن مجموعة كبيرة من الأناشيد التي يعلل النفس بالآمال يرقبها فيها ليفرّ من ضيق العيش إلى ضيق العقل !! ، وذلك أن العاطفة إذا كبرت وتضخمت فإن ذلك التضخم سيكون على حساب العقل لا محالة لذا تجد أهل الشر يخدرون الأمة بدغدغت عواطفهم وشهواتهم ليسهل فيما بعد السيطرة عليهم وتوجيههم بكل يسر .

ولما حان موعد السفسطة للقاء هذا الشخص ، وحصل اللقاء بالفعل حيث جاءه الشيطان فقال إلى متى هذا الكبت وهذا التشدد آن أن تشبع الشهوات الجديدة والأهواء الوليدة !! ولما راجع رصيده المعرفي ليختبر هذا الأمر الطارئ ويزنه بموازين العقول وجد أن العقل يعتذر الاختبار لهذه المعلومات والسبب ( أنه فارغ المحتوى) فتمثل هنا بيت الشاعر القائل :

(أتاني هواها قبل أن أعرف الهوى :: فصادف قلباً خالياً فتمكنا).

وبالفعل عشرات بل مئات الأناشيد التي كان لا ينام إلا على زمجرتها لم تكن لتقف بوجه تلك الشهوات الجديدة لأن الشهوة تبلى مع تقادم الوقت وهوماحصل للشهوة السابقة !! كقول الشاعر :

(محا حبها حب الأولي كن قبلها::وحلت محلاً لم يكن حلّ من قبلُ).

أما العقل فلا يقضي بالتقادم ولا يهرم بمرور الزمن بل هو شاب قوي دائماً ، ويدور مع الأصلح ولا يغره الجديد إذا لم يكن أفضل مما عنده ، بل يهتم كثيراً بالثوابت والمتمسكات ، وهنا ينكشف سرّ التغيير جلياً.
****

موقع أصول الفقه