توجه القرمطة - إنموذجاً - في الشرعيات ..

المقال

توجه القرمطة - إنموذجاً - في الشرعيات ..

2313 | 25-06-2010 07:56
التوجه الأول : (يقرمطون في السمعيات) :

هذا نوع من التوجهات المخالفة للشرع مدار تفكير أصحابها يتمحور حول عدم الالتفات للدليل السمعي من القران والسنة ، وعدم التسليم والقبول لما فيهما ، و مصادمتهما بالعقل المخلوق الضعيف! الذي له طاقة ووسع فمتى ما حُمل مالا يطيق فالنتيجة ستكون اضطراب في قراراته ونتائجه وتصوراته ، كغيره من المخلوقات التي لها سعة معينة فإذا زادت الحمولة عن الطاقة الاستيعابية فستتعطل قواها ، ويضعف أداؤها .


وهذا ما حصل لدى بعض المقرمطين ! حيث دفعهم الغرور بعقولهم إلى هذه القرمطة ، والناظر لتاريخ كبار المشتغلين بعلم الكلام والعقل - من أسماء لا يجهلها أحد أبدا والذين حققوا أعلى درجات المهارات العقلية والفكرية - ليجد وبجلاء أن الكثير منهم رجع وسطر اكتشافات خطيرة بعد أن مكث السنين الطويلة في مختبرات العقول ومعامل التفكير ليصل إلى إكتشاف أن العقل مخلوق كباقي المخلوقات له قدرة وطاقة كبيرة لكنها لا تتجاوز حدودها التي حدها الخالق بها ، ورجعوا عن أطروحاتهم السابقة التي كانت إبان انبهارهم بالعقل في وقت الشباب ، لكن لما تكامل لهم التفكير والمنطق توصلوا لهذا الاكتشاف فرموا بنظرياتهم السابقة الخاطئة عرض الحائط ؛ أخذاً بأحدث الدراسات ، مع أنهم كانوا يظنون أن طريقتهم تلك أعلم وأحكم فما لبثوا إلا أن عرفوا أنها أظلم وأوهم ، وأن النور والوضوح هو في الكتاب والسنة ، وهو الطريق الواضح والأعلم والأحكم ، وفي الآخرة هو الأسلم قال تعالى : _(الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور والذين كفروا أولياؤهم الطاغوت يخرجونهم من النور إلى الظلمات أولئك اصحاب النار هم فيها خالدون ) ، لذا تشبث به سلف الأمة وعظوا عليه بالنواجذ كما أمر نبينا الكريم - صلى الله عليه وسلم- وكما أخبر وهو الصادق المصدوق " أن كل تلك المناهج التفكيرية في النار وبئس المصير إلا من كان على ما عليه محمد (في السنة)وأصحابه(في الجماعة ) فصار هذا منهجاً لأهل السنة والجماعة في التمسك بالدليل السمعي وأن النجاة والفقه والعلم في التزامه ، وأن الشكوك والأوهام والظلمات هي في تركه.


و فئة منهم إنما دفعهم إلى قرمطتهم دوافع الهوى والشـهـوة فحسب ، فهولاء لا عقل ولا شرع يساندهم ، وماذا سنرى ممن فقد البصر " العقل " ، والضوء " الشرع " ، ومعلوم أن البصر بلا نور الشرع لن يفيد صاحبه بل سيضل الطريق !


والقرامطة الأصليون هم طائفة باطنية رافضية يبغضون ويكرهون أدلة الشرع ، بل ويحقدون على كل من ينتمي إلى الإسلام من الناس ، يتجلى هذا من تصرفاتهم التي لم يجرؤ عليها حتى الكفار ، حيث سطر التاريخ لدولتهم الفعلة الشنيعة عندما ألحدوا في الحرم فأخذوا الحجر الأسود من بيت الله الحرام ، وقاموا بقتل الحجيج المسلمين ورموهم في بئر زمزم فهل بعد هذا الإلحاد إلحاد ؟!!


من هنا عرفنا أن من لم يحترم الدليل السمعي قد يصل إلى أسوء الدركات من الإجرام والفساد كما هو حال القرامطة ،ولو تأملنا بعض ما يسلكه البعض من تهميش للدليل الشرعي ، ولي لنصوص الوحي لكي يرضى عنها العقل ، أو العقل الغربي فسنعرف أنهم شاركوا القرامطة في عدم الاحترام لأدلة الوحي (الكتاب والسنة) ، وإذا رأينا مايصدر عنهم من سوء ظن وحجب وتهميش وإقصاء وتشويه واستعداء على علماء أهل السنة فستكتمل لديهم فكرة القرمطة وتستوي على سوقها ، في عدم احترام الشرع وعدم تعظيم شعائرة ، وعدم التقدير لورثة محمد صلى الله عليه وسلم من العلماء الراسخين ، مع أن تقدير واحترام العلماء لا يمليه علينا عنصرية أو عصبية أو عرقية بل يوجبه الشرع ديانة ولما عندهم من ميراث نبوي ، إذ التنقص منهم يؤدي إلى عدم الاحترام لأدلة الشرع المؤدي بدوره إلى الوصول إلى القرمطة المقيتة !!.


وقد طلب أتباع بشر المريسي منه أن يعطيهم طريقة يردون بها الأحاديث النبوية والروايات التي تهدم بدعهم !! ، فأعطاهم طريقة سماها (( الرد بلطف )) !! حيث قال – مانصه - : " لا تردوه تفتضحوا !! ، ولكن ؛ غالطوهم بالتأويل ؛ فتكونوا قد رددتموها بلطف ؛ إذ لم يمكنكم ردها بعنف " ،،

فانظر كيف يزول احترام الدليل لدى البعض حتى يودي به إلى الاستماتة في رده ، سواء الرد بعنف إن أمكنه ذلك ،، أو الانتقال إلى المراوغة ولي عنق الدليل بما أسماه بشر " الرد بلطف" !! عن طريق التشويش على صفاء ونقاء الدليل بإشاعة وإذاعة الشبه والاحتمالات الضعيفة (المنقدحة) على الدليل مع أنها ليست (قادحة) ،، و(القائمة) عليه مع أنها ليست (مقاومة) للاحتمال الراجح والظاهر !!

ولا شك أن هذا يجير في حساب عدم الاحترام للدليل ، ويعد مظهرا من مظاهر القرمطة الاستدلالية التي جماعها وقطب رحاها ومدار فلسفتها ( عدم احترام دليل الشرع والجرأة على إبطاله وتعطيله أو حبسه أو حصاره في أقل مساحة ممكنة ، أو جعله للتبرك والزخرفة الإسلامية فقط ) وفي المقابل جعل العقل المخلوق كالحاكم والشرطي الذي يقوم بكل تلك الأدوار التعسفية ضد الدليل قال تعالى : (وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك او يقتلوك او يخرجوك ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين ))الاية . فلا شك أن الشبه بين من يسعى لقتل محمد - صلى الله عليه وسلم- ، أو حبسه أو إخراجه عن نشر دين الله ،، يقارب من يسعى لتعطيل وقتل سنته أو حبسها ، أو إخراجها عن دورها الأساسي من وجوب التسليم والاتباع ، لذا نقل ابن القيم الاجماع ههنا فقال : " إن الناس أجمعوا أن الرد إلى الله سبحانه هو الرد إلى كتابه ، والرد إلى الرسول صلى الله عليه وسلم هو الرد إليه نفسه في حياته ،، وإلى سنته بعد وفاته " زاد المعاد (1/40) ، فسنته تقوم مقامه في وجوب الانقياد والتسليم والاحترام -بأبي هو وأمي صلوات الله وسلامه عليه-.
:::::::::::::::::::::::::::::::::

ويليه التوجه الثاني ::


موقع أصول الفقه